
تاءات | مع رأفت زيني
تاءات | مع رأفت زيني
المنظور الدماغي للمنظمة
كيف يمكن للمنظور الدماغي أن يحول المنظمة إلى كيان مرن وفعال يتعلم ويتطور باستمرار؟ استمع الآن.
شكرًا لحسن استماعكم ..
رأفت محمود زيني
raafat@alzaini.com
raafatzaini@
رابط تدوينة "تعرف على الأوجه المتعددة منظمتك"
رابط كتاب Images of Organization
رابط كتاب Imaginization
رابط لصفحة Steven Taylor
#بودكاست_تاءات
#تاءات
#تنوع #ابتكار #ذكاء #ريادة #تجارب #مهارة #تصميم #تطوير #منهجية #تقنية #منظمة #هيكل #تنظيمي
#تغيير #إدارة #تشبيه #استعارة #مرونة #مركزية #لامركزية #تخصص #استجابة #فعالية
معلومات عن البودكاست:
المنتج المنفذ: م. فهد الصبحي
تصميم الغلاف: رأفت زيني
Intro Music:
https://www.pond5.com/royalty-free-music/item/145582345-minimal-ambient-technology-science-logo-edit
Composer: ihsandincer
Break Music:
https://pixabay.com/music/main-title-cinematic-melody-main-9785/
Background Music:
https://www.pond5.com/royalty-free-music/item/40864712-inspirational-technology-corporate-ambient-calm-documentary
Composer: Max Viktorov
Outro Music:
https://www.pond5.com/royalty-free-music/item/115435809-inspirational-science-intro-outro-40-sec
Composer: SKHSOUNDS
المنظور الدماغي للمنظمة
يعتبر المنظور الدماغي للمنظمة من أهم مناظير تصميمها، ويأتي بعد المنظور الميكانيكي الذي تحدثت عنه في حلقة سابقة، حيث يركز هذا المنظور على نمو المنظمة وديمومة جوانبها المعرفية، إضافة إلى قدرتها على الاستمرارية في التعلم وتصحيح المسار. يعامل المنظور الدماغي المنظمة كمعالج للمعلومات، متأثرًا بأفكار هيربرت سايمون، الحاصل على جائزة نوبل، ورفاقه في جامعة كارنيجي ميلون المعروفة بريادتها في مجال الحوسبة، حيث ربطوا بين عملية اتخاذ القرار على مستوى الأفراد والمنظمات.
قبل أن نتناول تأثير المنظور الدماغي على تصميم المنظمة، من الضروري أن نفهم التصور الحالي لكيفية عمل الدماغ كمعالج للمعلومات. يعتمد الدماغ على المبادئ الهولوغرافية، التي تنص على أن الذاكرة موزعة في مختلف أجزائه، مما يسمح باستعادتها من أي جزء منه. بناءً على ذلك، يميل هذا المنظور إلى النموذج اللامركزي والموزع للذكاء، حيث يمكن لعدة وحدات في الدماغ أن تخزن وتُعالج المعلومات بالتوازي، رغم وجود مناطق ذات تخصص دقيق. وهكذا، يجمع هذا المنظور بين العمومية والتخصصية، ويوازن بينهما بفعالية.
عند النظر إلى المنظمة كدماغ يعالج المعلومات، يظهر لنا منظور جديد يختلف عن النماذج التقليدية للإدارة. هذا المنظور يتطلب تطوير مهارات تجمع بين التخصص والتنوع والتكرار، لبناء فرق عمل متعددة القدرات والأدوار، تتميز بالقدرة على التعلم السريع. على عكس مبادئ توحيد الجهود وتقليل التداخل ومنع التكرار التي تروج لها المدرسة التايلورية، المستندة إلى أفكار فريدريك تايلور، والتي تنظر إلى المنظمة كمصنع يجب أن يدار بدقة عالية.
بالإضافة إلى ذلك، يصبح من الضروري تصميم هياكل مرنة وقابلة للتطور الذاتي، بحيث تلتزم بالحد الأدنى من المواصفات والتوصيفات لتجنب القيود التي قد تعيق نموها وتطورها. هذا التصميم المرن يمكّن المنظمة من التكيف مع التغييرات المحيطة بسرعة وفعالية.
كما يساعد ذلك المنظور في وضع القواعد الأساسية لبناء فرق العمل وأساليب إدارة المعرفة. فلا يصبح تكوين الفرق مبنيًا فقط على أصحاب الخبرات العالية بل يشاركهم في ذلك المبتدئون والواعدون وغيرهم فيصبح بناء المعرفة ونموها وتفعيلها وإدارتها نتاجًا لعمل الفرق بشكل تلقائي يمكن تنظيمه وتطويره لاحقًا بمشاركة المهتمين بذلك الشأن فتتعزز بذلك جهود المعنيين بإدارة المعرفة في جميع مراحلها.
وأخيرًا، يتطلب هذا المنظور بناء منظمة تتعلم باستمرار، بفضل قدرتها على استشعار الأوضاع الداخلية والخارجية، والتوقع المسبق للتغيير ومواكبته. هذه المنظمة تطرح الأسئلة، وتفحص الأفكار بجرأة، وتطور أساليب العمل بشكل مستمر، وتتخذ القرارات التي تسمح لها بتعديل مسارها نحو الأفضل.
ولكن ما هي الفوائد العملية لهذا التنظير الذي قد نصفه، تجاوزًا، بأنه جميل؟ في الواقع، يساعد هذا المنظور على حصر واستكشاف الجدارات المتوفرة والمطلوبة في المنظمة، ممثلة بأفرادها ومرافقها، ويتعدى ذلك إلى معرفة أماكن تواجدها والنمو المطلوب لتحقيقها.
فعلى سبيل المثال، قد ينتج عن المنظور الميكانيكي هيكل تنظيمي تفصيلي يضم العديد من الإدارات والأقسام، بل وأحيانًا الفروع. ولكن عند مراجعة الجدارات المطلوبة والأشخاص الذين يمتلكونها لتفعيل هذا الهيكل، نجد أنهم إما قلة، أو ينتمون إلى فئات عمرية محددة؛ فمنهم من اقترب من التقاعد، أو من هم في بداية مسارهم الوظيفي، أو من ذوي التخصصات الدقيقة. في هذه الحالة، قد لا يكون من الحكمة أو المصلحة العملية توزيعهم في وحدات منفصلة، لأن ذلك يعيق تبادل الخبرات ويحرمهم من تكوين معرفة موسوعية تدعم التكامل الوظيفي في هذه المرحلة. من هنا، يصبح تفعيل الهيكل التفصيلي هدفًا مستقبليًا يتماشى مع ظروف المنظمة واحتياجاتها المتطورة.
يُعد المنظور الدماغي نموذجًا غنيًا لفهم تصميم المنظمات وأنماط عملها، وهو موضوع واسع لا يسعنا التعمق فيه بالكامل هنا. للمهتمين، يقدم كتاب “Images of Organization” لغاريث مورغان شرحًا وافيًا لهذا المنظور. وبما أن كثيرًا من الميزات التي يبرزها المنظور الدماغي مشتقة بشكل مباشر أو غير مباشر من خصائص الدماغ البشري، وبعضها قد لا يزال مجهولًا أو لم نتطرق له بعد، فإن مواصلة استكشاف هذه الميزات والاستفادة منها يسهم في تحسين تصميم المنظمة وتطوير منهجياتها. فمن خلال منهجية تضبط المسار، وتسد الفجوات المعلوماتية، وتعظم الاستفادة من الآراء المختلفة، يمكن بناء المعرفة المؤسسية وتطوير لغة ومفاهيم مشتركة تعزز من ثقة العاملين، وتقلل من العشوائية، وربما تؤدي إلى تلاشي الأجندات الخفية.